باب ما جاء في حياء رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحياء خصلة عظيمة وهو من شعب الإيمان ، وهو خير كله ؛ لأنه يبعث على فعل الجميل من الطاعات والمعاملات والآداب ، واجتناب القبيح من المنكرات والمعاصي وسئ الأخلاق فهو خلق يبعث على التحلي بالفضائل والتخلي عن الرزائل .
ومن نزع منه الحياء انغمس في الآثام والموبقات ، وسفلت أخلاقه ، وساءت معاملاته وقبحت تصرفاته .
358- حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عُتْبَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذرَاءِ فِي خِدْرِهَا ، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ. " أخرجه البخاري 3562 ، ومسلم 2320 "
- قوله : " كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها " ، هذا مثل أراد به أبوسعيد الخدري رضي الله عنه إيضاح كما حياء النبي صلى الله عليه وسلم , والعذراء في خدرها يضرب بها المثل في شدة الحياء ، وهي البنت الصغيرة التي أشرفت على سن الزواج ؛ وخدرها هو مكانها في البيت ، فهي من شدة الحياء عندها لا تكاد تقدر على مقابلة النساء ص 392
ومخاطبتهن ، فضلا عن الرجال ، وهذه فطرة فيهن .
وقد تغيرت هذه الفطرة في هذا الزمان لدى كثير من البنات ؛ فأصبحت تواجه الرجال بالكلام بلا حياء ولا حشمة .
وقلة الحياء لدى النساء من أسبابه : التعليم المختلط في الصفوف الأولى في كثير من المجتمعات ، وعدم إلزامها باللباس الشرعي الساتر ، والانفتاح على العادات السيئة من عادات أعداء الإسلام ، وغير ذلك من الأسباب .
- قوله " وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه " ، هذا من كمال خلق النبي صلى الله عليه وسلم أن الصحابة رضي الله عنهم تربوا في مجلسه هذه التربية ، فما كان صلى الله عليه وسلم يحتاج إلى زجر أو نهر ، بل كانوا يرقبون وجهه صلى الله عليه وسلم ؛ فإن رأوا فيه غضبا علموا أنه رأى منكرا ، فيتنبه مرتكبه وينتهي عنه .
359- حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ ، عَنْ مَوْلًى لِعَائِشَةَ قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : مَا نَظَرْتُ إِلَى فَرْجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ. " أخرجه ابن ماجه في السنن 662 "
- حديث عائشة رضي الله عنها ضعيف الإسناد ؛ لأن مولى عائشة هذا مبهم ، وقد صح عنها في صحيح البخاري 322 وغيره أنها قالت : " كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه " ، وقد تقدم عند المصنف " انظر ح 25 "
ص 393