باب ما جاء في عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم
عقد المصنف رحمه الله هذه الترجمة لبيان ما جاء في عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والعيش هو الطعام والغذاء والقوت الذي يتغذى به الإنسان ، وقد أورد المصنف رحمه الله في هذه الترجمة حديثين ، وسيعيد رحمه الله الترجمة نفسها لاحقا متوسعا في ذكر الأحاديث المتعلقة بها " وهو الباب رقم 52 " والنبي صلى الله عليه وسلم كان عيشه وطعامه وغذاؤه قوتا ، وكان راضيا بذلك ؛ ففي الصحيحين أخرجه البخاري 6460 ومسلم 1055 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه " أنه صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم ارزق آل محمد قوتا " ، والقوت : ما يسد الرمق من المطعم ، وكان يتقلل من الدنيا ، ويكتفي منها بالبلغة .
71- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ فَتَمَخَّطَ فِي أَحَدِهِمَا ، فَقَالَ : بَخٍ بَخٍ يَتَمَخَّطُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي الْكَتَّانِ ، لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لَأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَيَّ فَيَجِيءُ الْجَائِي فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي يَرَى أَنَّ بِي جُنُونًا ، وَمَا بِي جُنُونٌ ، وَمَا هُوَ إِلَّا الْجُوعُ. " أخرجه البخاري 7324 ، والمصنف في جامعه 2367 " ص 111
- قوله : " وعليه ثوبان ممشقان " أي : فيهما ألوان أو خطوط ، قوله : " فقال : بخ بخ ؛ يتمخط أبو هريرة في الكتان " تذكر حاله الماضية ، وقارنها بحاله الحاضرة ، وأنه في يوم من الأيام اشتد به الجوع فلم يجد طعاما يغذي به بدنه ويسد حاجته ، حتى إنه أخذ يتلوى رضي الله عنه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم من الجوع ، حتى يغشى عليه ؛ فيظن من يراه أنه يتلوى لما به من جنون ، وما هو إلا شدة الجوع الذي يجده ، وإذا هو اليوم عليه الكتان يتمخط به .
وقد أورد المصنف رحمه الله هذا الأثر ليبين شيئا من الحال التي كان عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيأتي أيضا في الترجمة القادمة مزيد بيان لهذا الأمر وإيضاح له ؛ حيث كان أحدهم يربط الحجر على بطنه ، أو يأكل من ورق الشجر من شدة الجوع .
72- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ : مَا شَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزٍ قَطُّ وَلاَ لَحْمٍ ، إِلَّا عَلَى ضَفَفٍ.
قَالَ مَالِكٌ : سَأَلْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ : مَا الضَّفَفُ ؟ قَالَ : أَنْ يَتَنَاوَلَ مَعَ النَّاسِ. " وهو مرسل ، وسيأتي موصولا في " باب ما جاء في عيش رسول الله صلى الله عليه وسلم " الآتي . "
- قوله : " ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز قط ولا لحم ، إلا على ضفف " أي : إلا في هذه الحال ، وفي معنى الضفف يقول مالك بن دينار : " سألت رجلا من أهل البادية : ما الضفف ؟ قال : أن يتناول مع الناس " أي : إلا أن يأكل مع الناس .
وسيأتي في الباب المشار إليه آنفا ما نقله المصنف عن شيخه عبد الله ابن ص 112
عبد الرحمن أنه قال : " قال بعضهم : هو كثرة الأيدي " أي : إلا إذا كثرت الأيدي على الطعام ، وكثرة الأيدي على الطعام من بركته ، قال الإمام أحمد رحمه الله : " إذا جمع الطعام أربعا ، فقد كمل : إذا ذكر اسم الله في أوله ، وحمد الله في آخره , وكثرت عليه الأيدي ، وكان من حل " الزاد 4/ 213 " ص 113